الثلاثاء، 29 ديسمبر 2020

الاتحاديون..واوفقير ..وانقلاب الصخيرات

 "لحلاسة راها تقلبات.. اجمع حوايجك" ( الحصير قد تنقلب اجمع متاعك)


من بين النوازل، التي تبين بجلاء أن الجنرال محمد أوفقير كان على علم بحدوث انقلاب الصخيرات قبل وقوعه، ما حدث بسجن بولمهارز بمراكش. يوم حصول المحاولة الانقلابية الفاشلة بالصخيرات كان كل من سعيد بونعيلات وأحمد الفرقاني بسجن بولمهارز، ممنوعين من الاتصالات المباشرة فيما بينهما، إلى جانب اليازغي وآخرين. وفي يوم 10 يوليوز 1971، كان الفورقاني يقوم بفسحته اليومية بساحة السجن، وكان كلما اقترب من زنزانة سعيد بونعيلات إلا وحاول التواصل معه خلسة لمعرفة ما لديه من أخبار ومستجدات، فقال له بونعيلات بالأمازيغية : "اليوم لحلاسة راها تقلبات".. أكمل الفورقاني جولته قصد الاستفسار عن الأمر، فقال لبونعيلات: "أش من حلاسة تقلبات؟!"، فأجابه: "لحلاسة راها تقلبات اجمع حوايجك".
حسب محمد لومة، في ليلة 10 يوليوز 1971، اتصل أحد الذين تربطهم علاقات عائلية قوية بالجنرال أوفقير (يسمى على أوفقير، وكان يعمل بإحدى الأجهزة الأمنية وغالب الظن في "السيمي")، بأحد سجناء سجن بولمهارز، وقال له: "اجمعوا حوايجكم، غدا راه غادي توقع شي حاجة كبيرة ومهمة إن شاء الله، وراه غادي تلتحقو بديوركم". ويضيف محمد لومة، لم يكن على أوفقير هذا سيقوم بما قام به دون تعليمات صادرة عن الجنرال أوفقير. لكن في مساء يوم 10 يوليوز، لما اتضح فشل المحاولة الانقلابية، قرر الجنرال تصفية كل سجناء سجن بولمهارز الاتحاديين. آنذاك كان بلغازي، مديرا لهذه المؤسسة السجنية، وهو مقاوم سابق بارز، على علاقة ببعض المقاومين وأعضاء جيش التحرير النزلاء بسجنه، ولاحظ أن هناك فرقة من البوليس، كل عناصرها من عين الشعير (بلدة الجنرال أوفقير) مسلحين بالرشاشات، وكان قد فهم من حديثهم أنهم يخططون ذلك اليوم لكيفية تنفيذ التعليمات الرامية إلى التصفية الجماعية للمعتقلين الاتحاديين (عددهم 172)، فقام المدير المذكور برمي مفاتيح الزنازن داخل زنزانة أحد السجناء واتجه على الفور إلي مكتب وكيل الملك بمراكش فأخبره بقرب وقوع مذبحة بالسجن الذي يديره، وشرح له أن هناك عناصر مسلحة، غرباء عن المؤسسة، أرسلهم الجنرال أوفقير للقيام بقتل السجناء الاتحاديين. وحسب محمد لومة، كما خطط الجنرال أوفقير لمسح آثار الجنرالات يوم 13 يوليوز (بتصفيتهم بدون محاكمة)، أراد كذلك أن يمحو ذاكرة 172 معتقلا بسجن بولمهارز بمراكش كشهود على علمه بحدوث الانقلاب قبل وقوعه. ولولا لطف الله ومبادرة مدير السجن، لحصلت مذبحة بهذا السجن، أفظع من مذبحة قصر الصخيرات. وهذه الرواية الأخيرة تناقض الرواية القائلة بأن تلك العناصر حضرت إلى السجن لتكون على تأهب من أجل إطلاق سراح المعتقلين الاتحاديين وليس لتصفيتهم، كما تم الاعتقاد بذلك.
عبد الرحيم شجار
في اتصال بعبد الرحمان شجار أحد المعتقلين ضمن "مجموعة 172" بسجن بولمهارز، صرح للجريدة بأن خبر اندلاع انقلاب 1971 توصلوا به من طرف المرحوم محمد الحبيب الفرقاني، الذي علم به عن طريق، مدير السجن آنذاك، المقاوم بلغازي. وعليه لم يتم تنقيلهم يوم العاشر من يوليوز إلى المحاكمة التي كانت أطوارها تدور بمحكمة باب دكالة. وأكد أن التحليل الذي ساد يومها في أوساط المعتقلين إثر تواجد عدد كبير من أفراد الجيش والمخابرات والشرطة داخل السجن، رغم عدم علاقتهم بإدارة السجون، بأنها حركة يراد بها تخليص السجناء تمهيدا للاتصال بقيادتهم في الخارج، وذلك من أجل إضفاء المشروعية السياسية على واقع الانقلاب، علما أن هذه الرواية تناقض الرواية الأخرى القائلة إن فرقة الأمن التي تتكون عناصرها من منطقة عين الشعير جاءت إلى سجن بولمهارز، بأمر من الجنرال أوفقير لتصفية المعتقلين الاتحاديين، كونهم علموا بأن الجنرال المذكور كان على علم بالإعداد لانقلاب الصخيرات. وفي هذا الصدد أكد لنا محمد لومة أن اعبابو وجماعته كانوا يتخوفون من أن يسبقهم الاتحاديون بخصوص تغيير النظام بالمغرب، لذا قال لرجاله :" إن أولئك الناس يفكرون في الهجوم، علينا أن نسبقهم ونمنح للمحكومين منهم العفو بمراكش".


© الصراع الدموي على السلطة بالمغرب /محاولة انقلاب الصخيرات 1971 - مدونة نور الدين رياضي للعمل السياسي والنقابي والحقوقي
المصدر: https://www.riadinoureddine.com/2018/09/1971.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة اليوطنو مبارك الطويل من القاعدة الجوية إلى معتقل تزممارت

  قصة اليوطنو مبارك الطويل من القاعدة الجوية إلى معتقل تزممارت امبارك الطويل اسرار الزنزانة رقم 15 بتزممارت