أجرت “الأيام” حوارا مع مريم اعبابو، الابنة الصغرى لامحمد اعبابو قائد “انقلاب الصخيرات”، متحدثة عن والدها قائلة إنه “يتحمل مسؤولية ما وقع، ولم يكن غبيا؛ فهو كان يعرف أن نسبة نجاح مخططه في قلب النظام في المغرب هي 50 في المائة فقط”.
وأضافت الابنة الصغرى لقائد الانقلاب أن “الإنسان مسؤول عن أفعاله، ومن قام بأي شيء يجب أن يدفع ثمنه، وهو دفع ثمن ما فعل”. وذكرت اعبابو أنها لم تكن واعية بما قام به والدها سوى بعد حصولها على الباكالوريا، لأنها لم تكن تبلغ من العمر سوى ثلاث سنوات حينما قتل أبوها، يوم 10 يوليوز 1971، ولم تسع يوما إلى التعرف على قبر والدها؛ وقبره لن يغير شيئا، تضيف مريم.
وقالت مريم اعبابو: “والدي كان بطلا، وكل الأبطال على مر التاريخ لهم نهاية مأساوية، وأنا فخورة به كإنسان. فالإنسان يمكن أن يتنكر لذاته من أجل فكرة، ويستمر في التشبث بها إلى آخر رمق من حياته، ولا أعتقد أن الكثيرين يمكن أن يفعلوا ذلك”.
وأضافت اعبابو، في الحوار ذاته، أن والدها اتخذ قرارا ولم يستشرها في ذلك، وأنها ضحية لهذا، وليست حاقدة على الملك الراحل الحسن الثاني، وأنها لما كبرت وأصبحت في كامل وعيها إن كان عليها أن تحقد على شخص ما فهو والدها، الذي عوض أن يجعل العائلة مستقرة قام بتدمير كل شيء.
وأشارت اعبابو، التي تعمل أستاذة للغة الفرنسية، إلى لقائها صيف عام 1986 بولي العهد حينما كانت رفقة مجموعة من أصدقائه الذين قدموها له، قائلة: “إنه ابن عائلة حاكمة عريقة، وإنسان ذو أخلاق وتربية؛ غير أننا لم نتحدث قط عن الانقلاب أو عما قام به والدي”.
—–
في هذا الحوار تتحدث مريم اعبابو بإسهاب عن والدها الجنرال الريفي محمد اعبابو قائد إنقلاب الصخيرات، وتقول إنه يتحمل مسؤولية ما وقع، و أنه لم يكن غبيا، فهو كان يعرف أن نسبة نجاح مخططه في قلب النظام في المغرب هي 50 في المائة فقط، غير أن غريزة الانسانية لم تمنعها بأن تفتخر بوالدها كإنسان، و أن تصوره كـ “بطل”، و البطل بالنسبة إليها في مفهومه الفلسفي دائما ما تكون نهايته تراجيدية مأساوية.
بماذا يذكرك يوم 10 يوليوز 1971 ؟
يذكرني بكل بساطة باليوم الذي أصبحت فيه يتيمة. امحمد اعبابو هو في نهاية الأمر والدي، سواء كان “بيع الزريعة” أو كان جنرالا فهو والدي.
في ذلك اليوم أقفل هاتفي و لا أتحدث مع أحد، غير أنه مؤخرا أصبحت في ذلك اليوم تجري امتحانات الباكالوريا، و أنا بالمناسبة سيدة تعليم، و أقولها لك بكل صراحة، في ذلك اليوم أخجل من نفسي فقط و أذهب للعمل، لأنني متعودة في ذلك اليوم من كل سنة أن أقفل هاتفي و أقفل باب منزلي و لا أتحدث مع أي أحد.
بالنسبة لك ففي ذلك اليوم أصبحت يتيمة، و بالنسبة لباقي المغاربة فذلك اليوم شكل منعطفا مفصليا خطيرا في تاريخ المغرب، ما الذي حكته لك العائلة عن ذلك اليوم ؟
يحكى لي أن والدتي كانت يومها خارج المغرب، و بالضبط في فرنسا، وهي لم تكن على علم بالانقلاب، وما يدل على ذلك أنها عادت إلى المغرب في اليوم الموالي، أما نحن الأبناء، فبحسب ما حكته لي خالتي، فقد كنا في شاطئ “Sable d’or” بمنطقة الهرهورة، ولما علموا بالخبر نقلونا من الهرهورة إلى الرباط، و عاشت العائلة نوعا من الفزع.
في تلك اللحظة هل كانت العائلة تعرف أن الكولونيل امحمد اعبابو هو من كان يقف وراء الانقلاب ؟
لا يمكن أن أؤكد لك ذلك، لكن ما يمكن أن أقوله لك أن عناصر من الدرك الملكي جاؤوا إلى منزلنا و أخرجونا منه، وهنا أتحدث عن منزلنا في مكناس.
كان منزلكم تابعا للقوات المسلحة الملكية ؟
لا كان منزلنا الخاص، من قاموا بذلك هم عناصر من الدرك الملكي و ليسوا من الجيش، و بعدها ذهبنا إلى منزل جدتي.
لما أخرجونا من البيت هذا لا يعني أنهم نقلوا إلى السجن كما سيعتقد البعض، ربما كانوا يرغبون في تفتيش البيت بحثا عن وثائق و أشياء من هذا القبيل …
هل تعرضتم للتعنيف ؟
لا، لم نتعرض لأي تعنيف، و هنا أتحدث عن نفسي فقط، أنا لم يعنفني أي شخص و لو بمجرد كلمة.
كلامك جميل …
(مقاطعة) كلامي ليس جميلا، بل هو كلام صحيح.
كيف استقبلت العائلة خبر مقتل والدك بعد فشل الانقلاب ؟
والدتي كانت مريضة، و كانت تتلقى العلاج في فرنسا، وتوفيت سنة واحدة بعد وفاة والدي، وفاتها كانت بسبب المرض، البعض يريد أن يصور ذلك كفيلم تركي، و يقول أن والدتي توفيت بعد الوالد بمدة قصيرة بعدما أصابتها أزمة نفسية. فالأمور أبسط من السيناريوهات و الخيال التي ينسجه البعض.
الحوار كاملا منشور في أربع صفحات تجدونه في جريدة “الأيام” عدد هذا الأسبوع…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق