الخميس، 24 ديسمبر 2020

خطاب النجاة بعد محاولة انقلاب الصخيرات1971

 

 خطاب النجاة بعد محاولة انقلاب الصخيرات

خطاب الحسن الثاني بتاريخ 11 يوليوز سنة 1971 بعد نجاته من انقلاب الصخيرات، والذي تحدث فيه عن “الحمد لله و الصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه

شعبي العزيز، كادت بلادنا في الساعات الأخيرة أن تمر بنكبة من أعمق وأخطر النكبات من حياتها، ذلك أن بعض الضباط من القوات المسلحة الملكية، تحت إمرة الجنرال المدبوح الذي كنت أحسبه من المعينين الأقربين ، والذي كان يشغل منصب مدير البلاط العسكري، أقول تحت قيادة الجنرال المدبوح هجموا على قصر الصخيرات على الساعة الثانية إلا ربع ونحن إذاك بصدد الغذاء بين ضيوفنا أجانب ومغاربة.

وابتدأ إطلاق النار في الساعة الثانية والربع وانقطع في الساعة الخامسة والنصف، وأثناء هذا العمل ذهب ضحية هذا العمل الإجرامي الغث والسمين، والشاب والكهل، والعسكري والمدني، والقريب والبعيد، ذلك أن هؤلاء الضباط الذين لا يتجاوز عددهم العشرة، كانوا في نوع من الهستيريا، يطلقون النار على كل من رأوه يمشي أو يجري، وهكذا فقدنا من ضيوفنا الأجانب أساتذة في الطب، وفقدنا فردا من أفراد السلك الدبلوماسي، ألا وهو سفير بلجيكا، كما أنني فقدت من دائرتي الخاصة القريبة، أعز أصدقائي، على رأسهم طبيبي الخاص الدكتور بنيعيش، والجنيرال الغرباوي، والجنيرال النميشي، والكولونيل أبو الحمص، والكولونيل لوباريس، والكوماندار السندباد، والكولونيل المكي، وأمثالهم الآخرين كثير، ولكن، و”يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين”. تمكنا من الخروج من هذه الأزمة بكيفية لم تكن تنتظر.

ذلك أنهم حين أخرجونا من البيت الذي كنت محاصرا فيه منذ ساعتين ونصف، أخرجونا، وأجلسونا تحت بنادقهم، أجلسونا بجانب كل من بقي على قيد الحياة، وحينما رأوني من بين الناس، ويدي على رأسي، عرفني البعض منهم وطلب مني أن أتبعه، وهو ممسك بندقيته، فلما اختليت به أدى لي التحية العسكرية وقبل يدي، فقلت له: كيف تؤدي الطاعة والإخلاص، وتقوم بهذا العمل الإجرامي؟

فقال لي الجندي: إننا نحن تلامذة مدرسة هرمومو، قيل لنا البارحة بأننا سنقوم بمناورة، وحينما وصلنا قرب الصخيرات على الساعة الثانية عشرة نادوا فينا بأن مؤامرة تحاك ضد جلالة الملك، وبأن القصر مهاجم، وبأن حياتك في خطر فصرنا لئلا تبقى بين أيدي الأعادي وجئنا لنشد أزرك

وتبين لي إذاك أن الجيش جيش سليم، وأن أسرة الجيش ما زالت طاهرة نقية، ولا يمكن أبدا في حال من الأحوال أن يعود العمل الإجرامي الذي قام به بعض الضباط لا على سمعة الجيش، ولا على أخلاق الجيش، ولا على فضيلة الجيش.

وهكذا ستعلم، شعبي العزيز، بتفصيل في الأوقات المقبلة، أسماء المتآمرين وكما قلت لكم لا تفوق العشرة.

وبهذه المناسبة أريد أن أؤكد ما قلته دائما لكم، ألا إن بلدنا محسود وأن الغبطة التي نعيش فيها لا يريدها لنا كثير من الناس. وهكذا سمعتم أن بعض الإذاعات، وعلى رأسها إذاعة ليبيا، بمجرد ما سمعت الخبر بتوقيف العملية، صارت تصرح وتقول إنها بجانب الثوار وإنها تندد بكل من يقوم بعمل ضد هؤلاء الضباط الأحرار، وأن جيشها وقواتها وعتادها كل هذا بجانب المشعوذين.

وهكذا ترى، شعبي العزيز، حينما أقول لك، كن يقظا، كن على بينة من أمرك، حتى لا يعبث بك العابثون، لم أكن من الذين يزيدون في الكلام، أو يطنبون في الكلام.

وكنا اليوم، أو كنت اليوم شعبي العزيز ستمسي يتيما، ولكن الله سبحانه وتعالى سلم، وكما قلت لكم، و”يمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين”. والله خير حافظ وهو أرحم الراحمين.

وسلام على شعبي العزيز، وعلينا جميعا، ورحمة الله و بركاته”.

 ضحى زين الدين نشر في الصباح يوم 08 – 07 – 2014



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

قصة اليوطنو مبارك الطويل من القاعدة الجوية إلى معتقل تزممارت

  قصة اليوطنو مبارك الطويل من القاعدة الجوية إلى معتقل تزممارت امبارك الطويل اسرار الزنزانة رقم 15 بتزممارت